إلي رحمة الله 

2 – البحاثة الكاتب الناقد الأستاذ الخواجه نثار أحمد الفاروقي رحمه الله

1353-1425هـ = 1934-2004م

 

 

 

     في الليلة المتخللة بين السبت والأحد : 13-14/ شوال 1425هـ الموافق 27-28/ نوفمبر 2004م استأثرت رحمة الله تعالى بالبحاثة الكاتب الناقد الخواجه نثار أحمد الفاروقي رحمه الله بمدينة دهلي ؛ حيث كاَنّ يعاني الأمراض العديدة منذ مدة. وذلك عن عمر يناهز 70 عامًا ؛ فإنّا لله وإنا إليه راجعون .

     وتم دفن جثمانه يوم الأحد 14/ شوال الموافق 28/ نوفمبر بمسقط رأسه مدينة «أمروهه» وصلّى عليه عدد كبير من العلماء والمثقفين والجمهور من المسلمين من مدينة أمروهه ودهلي . وذلك بجامع المدينة الكبير . وخلّف – رحمه الله – بالإضافة إلى زوجته ابنين وبنتين .

     كان الأستاذ الخواجة نثار أحمد أحد العلماء المتضلعين من اللغة العربية وكان أديبًا وكاتبًا ومحققًا وناقدًا باللغة الأردية . أحيل إلى المعاش منذ سنوات من قبل جامعة دهلي حيث كان رئيسًا لقسم اللغة العربية . وقد أكرمه رئيس الجمهورية الهندية منذ سنوات بوسام النبوغ في اللغة العربية .

     بالإضافة إلى تأليفه كتبًا مستقلة في شتى المواضيع الأدبية ، حقق رحمه الله عددًا من كتب التراث الأردي والفارسي ، وأثرى المكتبة الأردية بما تركه من رصيد ضخم من الدراسات والأبحاث حول الشاعرين الأرديين الكبيرين : «مِيْرْ» (مير محمد تقي 1136-1225هـ / 1723-1810م) و«غالب» (الميرزا أسد الله خان 1212-1285هـ / 1797-1869م) وقد صاغ ترجمة جديدة للشاعر «غالب» مستقاة من خطاباته ورسائله التي تُعَدُّ ثروة أدبية ولغوية وتاريخية كبيرة تمد الباحث والأديب والكاتب بمدد لا ينفد ورصيد لا ينضب، كما تناول النسخة المتواجدة بـ «أمروهه» من ديوانه بالدراسة والمقارنة ، وقد نشرتها مجلة «نقوش» الصادرة بـ «لاهور» بعنوان «بياض غالب» كما ترجم «ذكر مير» باسم «مير كي آپ بيتي» كما أصدر حول «مير» طائفة من المقالات أطلق عليها عنوان «تلاش مير» .

     وقد كان الأستاذ نثار أحمد من مواليد يوم الجمعة 29/ يونيو 1934م (15/ ربيع الثاني 1353هـ) وتلقى التعليم الابتدائي من مشايخ أسرته، ولاسيما من جده من الأمّ الشيخ سليمان الصديقي الذي كان من تلاميذ المحدث الشيخ السيد أحمد (المتوفى 1330هـ / 1912م) الذي كان من تلاميذ الشيخ الإمام محمد قاسم النانوتوي (1248-1297هـ = 1832-1880م) المؤسس لجامعة ديوبند . وغادر بلدته «أمروهه» عام 1945م (1364هـ) بصحبة خاله شبيه أحمد إلى مدينة «حيدرآباد» حيث تلقى فيها في «الإدارة الشرقية» مبادئ الفارسية والعربية من الشيخ حميد الدين السنبهلي ، وأخذ العلوم عن عمّه الشيخ المفتي نسيم أحمد الفريدي ، ثم التحق بالجامعة الإسلامية بجامع «أمروهه» حيث تلقى الدراسات العليا . وفي عام 1950م (1369هـ) انضمّ إلى سلك أسرة التحرير لمجلة «شمع» الأردية الأدبية الشهيرة الصادرة بمدينة دهلي ، كما قام بالتدريس في الكليات العصرية فيها، ثم في جامعاتها .

     وقد كان رحمه الله يعاني أمراضًا منذ نحو ثمانية شهور إلى جانب عوارض الشيخوخة المتكاثرة .

     وأبدت الأوساط الثقافية في شبه القارة الهندية حزنها البالغ وأسفها الشديد على وفاة هذا الباحث الكاتب الناقد الذي أعماله العلمية والتحقيقية والتأليفية تحمل قيمة كبيرة تديم ذكره وتعمم شهرته في العالم وتستخرج له الأدعية من أفواه وقلوب المستفيدين إن شاء الله . رحمه الله وأدخله فسيح جناته وكثّر أمثاله .

 

*  *  *

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . محرم 1426هـ = فبراير – مارس 2005م ، العـدد : 1 ، السنـة : 29.